حوار توكل كرمان مع صحيفة الشرق القطرية

حاورها: طه حسين - محمد الأخضر: يردد المرجفون في دول الربيع العربي أنه فشل ولم يزهر ولم يثمر، وأن الثورة المضادة نجحت في استعادة زمام الأمور، لكن الزهرة التي أثمرها الربيع اليمني تؤكد أنه لم يفشل،

أنبتت الثورة اليمنية زهورا بعضها لم ينل حظه من الشهرة لكنه يثمر نضالا وكفاحا في صور عديدة، وإحداها نال شهرة واسعة بعدما أنضجتها الثورة اليمنية وأزهر ربيع اليمن بجهود الشباب وجهودها حتى استحقت جائزة نوبل للسلام عام 2011، توكل كرمان، الصحفية والناشطة اليمنية، التي يصدق فيها قول الشاعر:"لولا اشتعال النار فيما جاورت * ما كان يعرف طيب عرف العود.

عرفها الشارع العربي كله مناضلة ليس فقط لتدافع عن قضايا المرأة اليمنية أو العربية، فهي تناضل باسم المواطن العربي واليمني وترفض أن يتم تأطيرها كناشطة فقط تدافع عن قضايا المرأة.

توكل كرمان حلّت ضيفة على الشرق في لقاء موسع، عشية الإعلان عن تصنيفها ضمن أقوى 100 امرأة عربية لعام 2016، تعرفنا من خلاله على همومها ورؤيتها لواقع ومستقبل اليمن، حيث تؤمن بأن الثورة المضادة التي يقودها صالح والحوثي تحتضر وستنتهي وتفشل، وأن الشعب الذي خاض ثلاث ثورات سوف ينتصر ويستعيد ثورته ويقيم دولة العدالة والقانون بدعم دول الخليج والشركاء الإقليميين، داعية الحوثيين إلى إلقاء السلاح والتحول إلى حزب سياسي واستيعاب أن اليمن لكل اليمنيين.

وحددت كرمان في اللقاء عدة خطوات من شأنها تحقيق النصر، مطالبة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بالمضي قدما في إعلان جماعة الحوثي جماعة إرهابية، كما طالبت المجتمع الدولي بدعم الجهود التي تقودها دول الخليج لوقف خطر علي صالح والحوثيين مؤكدة أنهم يرتكبون جرائم حرب حقيقية بحق اليمنيين.

في بداية اللقاء رحب الزميل جابـر الحرمي رئيس التحرير بالسيدة توكل كرمان منوها بدورها السياسي والاجتماعي وحضورها الدائم ليس فقط حول قضايا اليمن العزيز لكن قضايا المنطقة حيث كان شغلها الشاغل دائما خلال السنوات الماضية إبراز هذه القضية إلى الرأي العام العالمي واستطاعت أن تنقل قضايا اليمن من حيز محدود داخل الساحة اليمنية وداخل الإقليم إلى الساحة الدولية واستطاعت أن تقدم نموذجا حقيقيا مشرفا للمرأة العربية المسلمة في تفاعلها وتعاطيها مع قضايا وطنها وأمتها على الساحة الدولية مؤكدا أنه الهم المشترك لجميع أبناء الأمة اليوم وأن اليمن ليس فقط لليمنيين وإنما لكل العرب.

 

بداية نود الحديث حول قضايا الوطن والملفات الساخنة والمستجدات على الساحة اليمنية ورؤيتها للمشهد السياسي والأحداث الأخيرة على الساحة اليمنية ليس فقط في جانبها العسكري بل في جوانبها الإنسانية والاجتماعية؟

- شكرا على الدعوة الكريمة وشكرا لكل أسرة "الشرق" فهي أسرتي وصحيفتي وعلاقتي بها قوية ومتينة منذ زمن ما قبل النضال حول الثورة الشبابية الشعبية السلمية وأثناءها كانت " الشرق " على تواصل معي سواء من خلال المقابلات أو التصريحات وسواء من خلال انحيازها الكامل منذ أول يوم قرر فيه الشباب اليمني القيام بثورته السلمية ضد الحاكم الفاشل والفاسد والمستبد، كما أنني سعيدة بوجودي في قطر، فقطر بالنسبة لي بلدي الثاني وهي موئل المستضعفين ونصير المظلومين وأنا فخورة بقطر الإنسان وقطر الدولة وقطر الأرض.

أما بالنسبة لآخر الأوضاع في اليمن فاليمن اليوم يعاني من ثورة مضادة شرسة قامت بها ميليشيا الحوثي الفاشية النازية بالتعاون مع حليفها المخلوع علي صالح وبدعم إقليمي من قبل إيران التي تمد نفوذها في المنطقة من خلال البوابة الجنوبية لها وهي اليمن، وهذه الثورة المضادة انقلبت على كل شيء على قيم ثورات اليمن وهي الثورة السلمية وقبلها ثورة 14 أكتوبر وقبلها ثورة 26 سبتمبر وهي الثورات التي أتت بمجموعة من القيم النبيلة التي ناضل من أجلها الشعب اليمني كثيرا وهي قيم الحرية والعدالة والكرامة والديمقراطية وحكم القانون.

وهي القيم التي أطاحت بها الثورة المضادة وبالجمهورية وبالدولة وبالنظام واستولت على العاصمة واحتلتها وقتلت آلاف الناس وأخفت عشرات الآلاف من السياسيين والصحفيين والمواطنين البسطاء واستولت على جميع مؤسسات الدولة ونهبت المنازل وقامت بجرائم حرب حقيقية حيث اتخذ علي صالح من ميليشيات الحوثي أداة لارتكاب هذه الجرائم وممارسة انتقامه على الشعب وتنتقم الميليشيا من الشعب الذي قام بثورة 26 سبتمبر ضد أجدادهم وهم الذين عانينا منهم أكثر من ألف عام فنحن نعاني من ثورة مضادة واجهها نضال مجتمعي كبير ووقف ضدها الشعب بكامل أطيافه وهذا النضال أخذ عدة أنواع.

الأول النضال السلمي وهو امتداد للثورة السلمية اليمنية التي خرجت تهتف سلمية وأقنعت الشعب أن يترك أكثر من 70 مليون قطعة سلاح جانبا وأن يذهب بالورود وبالهتافات فقط يواجه فاشية علي صالح، وهناك نوع آخر وهو المقاومة الشعبية التي عملت على حماية أراضيها ومدنها من هذا الغزو ومن هذا الاحتلال وهذه المقاومة أرادت أن تحمي ما تبقى من النظام الجمهوري وأن تستعيد الثورة والدولة من أنياب المخلوع وميليشيات الحوثي.

وهناك محور ثالث وهو محور الرئيس هادي والسلطة الشرعية التي جاءت بعد ثورة 11 فبراير وبتوافق من جميع اليمنيين وهو الرئيس الشرعي بحكومة شرعية وهم الآن يقومون بدورهم كدولة تريد أن تستعيد مؤسساتها وأراضيها وأن تبسط نفوذ الدولة على جميع التراب اليمني، وأنا وكثير من الشباب ننتمي إلى المحور الأول من النضال وهو النضال السلمي في مواجهة هذه الميليشيا لكن كل أنواع النضال هذه استطاعت إلى حد كبير أن تقف حجر عثرة أمام نجاح هذا الانقلاب وأمام توغل المشروع الإيراني في المنطقة وليس فقط في اليمن، والحمد لله فإن أكثر من 85 % من الأراضي اليمنية الآن تحت سيطرة الحكومة الشرعية، والشعب بمختلف فئاته يستعيد دولته وجمهوريته قريبا.

 

ألقوا أسلحتكم

مع استعادة الحكومة للأراضي اليمنية هل تعتقدين أن عاصفة الحزم سوف تحط رحالها قريبا في صنعاء؟

- الشعب اليمني مع شركائه الإقليميين والدوليين بإذن الله سوف يستعيد دولته قريبا ولكن المهم أن نضع مجموعة من الأسس التي يجب علينا أن نعمل من أجلها، وأنا أدعو من هنا ميليشيا الحوثي إلى الانسحاب من جميع المدن التي استولت عليها والتي لم يتبق منها إلا 20 % وندعوهم إلى أن يسلموا السلاح للسلطة الشرعية وندعوهم كذلك إلى أن يتحولوا إلى حزب سياسي لأن اليمن وطن كل اليمنيين، وعليهم أن يشعروا اليوم بحجم الدمار الذي جلبوه لليمنيين، وعلينا أن ندخل في استفتاء على الدستور اليمني الذي يعد أحد مخرجات الحوار الوطني وبالتالي إجراء الانتخابات فالانتصار حاصل حاصل وعليهم أن يقدموا التنازلات الآن ولا مفر من الانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة.

 

هل يمكن لصوت العقل أن يتغلب ويتم العودة للحوار وتحولهم إلى حزب سياسي؟

- أتمنى أن يتغلب صوت العقل وعليهم أن ينقذوا ما تبقى من الوطن ومن أفرادهم والدولة ماضية في استعادة سيادتها على المؤسسات ولا مجال إلا إقامة الجمهورية الثانية جمهورية العدالة والمساواة وحكم القانون فلن يحكمنا أحد بالقوة ولا بترهات وخزعبلات.

 

رأس الأفعى

أين تكمن المشكلة هل في الحوثيين أم في علي صالح؟

- صالح هو رأس الأفعى وهو جذر الموبقات وإن تم القبض عليه وتمت محاكمته فستنتهي أغلب مشاكل اليمن.

 

التجارب في الأنظمة الأخرى أزيل الرأس لكن الجذور بقيت فهل المشكلة بشخص صالح أم بنظامه؟

- حينما بدأنا ثورتنا السلمية في 2011 كانت رسالتنا واضحة أننا نريد إسقاط النظام، كنا نريد بناء يمن جديد من أول يوم انطلقت فيه الثورة، ومشكلتنا ليست مع الشخص كما هي في دول الربيع العربي ففي مصر ليست المشكلة مع حسني مبارك كشخص وليست في بن علي أو بشار أو القذافي كأشخاص ولكن في منظومة الفساد والاستبداد والإرهاب التي أنتجوها، فنحن نتحدث عن نظام فساد واستبداد فهؤلاء وسقوطهم هو المرحلة الأولى في ثورتنا السلمية وعندما ظن الثوار أن الثورة انتصرت بدأ الإخفاق، والثورات مراحل والأولى في إسقاط رأس الفساد والمرحلة التي تليها بإسقاط شبكات الفساد والمحسوبية والمرحلة الثالثة هي إقامة المؤسسات الانتقالية التي تستطيع أن تنتج من خلالها التشريعات والقوانين التي تكون هي الضامنة للدولة الجديدة والمرحلة الرابعة هي الانتخابات والانتقال من الشرعية الثورية إلى الشرعية الانتخابية، ومشكلتنا ليست مع صالح كشخص ولكن في منظومة فساد واستبداد هو رأسها وجذرها وعقلها المدبر وإذا انتهى فسيكون الطريق معبدا أمامنا من أجل إنجاز المرحلة الثانية وهي شبكات الفساد.

 

هل تعتقدين أن المنظومة التي أقامها صالح على مدى أكثر من 30 عاما يمكن أن تنتهي بكل بساطة؟

- لا. ولكن الطريق معبدة من أجل التخلص من مخلفاته وهو من يدعم القاعدة والحوثي ولديه المال والنفوذ والعلاقات.

 

أكبر خطأ

لكنه كان جزء من الحل في بعض المرحل؟

- أكبر خطأ ارتكب بعد الثورة ولعله المأخذ الوحيد لنا على المبادرة الخليجية أنها أعطت صالح الحصانة دون مقابل فحينما منح الحصانة دون ابتعاده عن العمل السياسي ومحاصرة أمواله استطاع عبر رئاسته لأهم مكون سياسي والشريك في المرحلة الانتقالية حزب المؤتمر وعبر الأموال التي يمتلكها والتي تقول التقارير إنها نحو 70 مليار دولار وبشبكة نفوذه استطاع أن يقوض المرحلة الانتقالية، ومنذ أن كان رئيسا وهو يلعب بأوراق خطيرة كملف القاعدة وهو استخدمها وهو على رأس السلطة كأداة للانتقام من خصومه السياسيين ولابتزاز الغرب وأموالهم، وبعد أن سقط استخدم القاعدة والحوثيين لتقويض الجمهورية بأكملها ولكي ينفذ وعده ووعيده بأنه سيجعل الحرب في اليمن "من طاقة لطاقة ومن شارع لشارع". ولكن لسوء حظه أن الشعب وقف ضده ولم يكن يتوقع هو والحوثي أن الشعب اليمني سيقف ضدهم وأنه خرج من ثورة عميقة زرعت في دائرة الحرية والعدالة ورفض العنف كوسيلة لنيل أي مطالب.

 

ماذا عن ملف المرأة اليمنية في ظل الحرب، وما مدى اهتمامك بأوضاع المرأة والطفل في ظل ما تعانيه اليمن؟

- المرأة في ثورات الربيع العربي كانت القائدة وثارت على مصطلح "المرأة الضحية"، وقادت الصفوف والمجتمع نحو الكرامة والنضال من أجل الرجل والمرأة واستطاعت الأمة أن تسقط رؤوس الأنظمة الفاسدة بدعم من المرأة وقادت النضال في الثورة اليمنية وفي كافة المراحل، وعلى رأسها لجنة التحضير للحوار الوطني ومؤتمر الحوار الوطني ومخرجاته وفي لجنة صياغة الدستور وحصلت على مواد دستورية تمنحها مالا يقل عن 30 % من جميع السلطات وأنجزت ملامح الدولة اليمنية الحديثة دولة المواطن ودولة العدالة والقانون، وخاضت نضالا كبيرا قبل الثورة من أجل منع زواج الصغيرات والآن المواد في الدستور الجديد تمنع ذلك وتعاقب الأبوين وكل من يتورط في تزويج الصغيرات وتحديد سن الطفولة، فهناك إنجازات، ولكن السؤال.. هل المرأة العربية واليمنية التي خاضت الثورة، هل سيكون لها أدوار هامشية فيما بعد، حينما تستقر الأوطان؟ للأسف التاريخ يحدثنا أنه في كل الثورات، دائما ما تكون المرأة في المقدمة، لكن عندما تستقر الأوطان يأتي الرجال ليلتهموا كل شيء! وهذه المعادلة يجب أن تتغير، أما وضع المرأة بعد الانقلاب الفاشي فهو سيء، حيث تعاني الجوع والحصار والقتل في جميع المحافظات، حتى على الصعيد السياسي جرى تهميشها.

 

حقوق المواطن

لكن ماذا عن جهدك في الدفاع عن المرأة والطفل، خاصة تجنيد الأطفال؟

- ونحن ندافع عن حقوق النساء، علينا أن ندافع عن حقوق المواطن أولا، رجلا أو امرأة، ونحن نتحدث عن انتهاكات يعاني منها الإنسان بشكل كامل وتعاني منها المرأة والطفل بشكل أخص، رغم أن القانون الإنساني يطالب باستثناء النساء والأطفال في ظل الحروب، وهناك وضع إنساني خطير جدا تعاني منه المرأة والطفل في ظل الانقلاب ودورنا هو فضح هذا الانقلاب والوقوف في وجهه، وهذا ما نفعله.

 

ماذا عن الدعم الإيراني للحوثي وصالح، وهل لديكم وثائق على تورط إيران في دعم الانقلاب؟

- تورط إيران في دعم الحوثيين لا يحتاج إلى دلائل، وهي موجودة، لكن تكفي تصريحات النظام الإيراني، حينما تحدث لاريجاني رئيس البرلمان عن أن صنعاء رابع عاصمة عربية تحتلها إيران بعد دمشق وبغداد وبيروت، وحينما تحدثوا حول أن إيران تعمل على بناء امبراطوريتها في المنطقة وسفن الأسلحة التي لم تتوقف حتى الآن والحرس الثوري الذي يقبض عليه بين الحين والآخر داخل اليمن والأعلام الذي يمولون به الحوثيين والأموال التي تذهب إليهم، وهي أشياء لا تحتاج إلى دليل.

 

وماذا عن حزب الله ونشاطه في اليمن بعد تجريمه في الخليج وكمنفذ لمشروع إيران؟ وكيف تستطيعين كحاصلة على جائزة نوبل أن توصلي صوتك للعالم حول هذه الأنشطة والاعتداءات؟

- أهم ما قام به مجلس التعاون الخليج الآن أنه صنف حزب الله كجماعة إرهابية ويجب على الرئيس اليمني أن يعلن عن جماعة الحوثي كجماعة إرهابية.

فالحوثي هو داعش اليمن وحزب الله قتل مئات الآلاف من السوريين، والآن يقتل في العراق وفي لبنان، فهي جماعة إرهابية، ويجب أن نقف ضد الإرهاب بشقيه.

 

تفرقنا واتحدوا

هل تعتقدين أن الشعب اليمني يتحمل مسؤولية نجاح الثورة المضادة حتى الآن؟

- في رأيي أن شباب الربيع العربي أخطأوا حينما ظنوا أن بإسقاط رأس الأنظمة الفاسدة المستبدة، ستنجح الثورات، وأنا أعتقد أن هناك عوامل كثيرة أدت إلى نجاح الثورات المضادة، أهمها، أن قوى الثورة تفككت ولم تعمل بانسجام حقيقي من أجل إدارة المرحلة الانتقالية، في حين أن قوى الثورة المضادة اتحدت وكونت غرف عمليات حقيقية تدير مخططاتها التخريبية في دول الربيع العربي.

كما أن الأنظمة التي أتت بعد الثورات هم من يتحملون الجزء الأكبر من مسؤولية نجاح الثورة المضادة، ففي الحالة اليمنية كنا على بعد خطوات قليلة من نجاح الثورة والاستفتاء على الدستور، لولا أن تدخلت قوى الثورة المضادة ونجحت نجاحا "زائفاً"، وذلك لعدة أسباب هي:

أولاً: السلطة الشرعية الانتقالية ممثلة في الرئيس هادي، لم تقم بمهامها، فاليمن دخلت المرحلة الانتقالية بخارطة سياسية كاملة ممثلة في المبادرة الخليجية، والتي كانت تصب في مصلحة الثورة، ما عدا مسألة "الحصانة" التي قوضت كل شيء، فالسلطة الانتقالية لم تنجز مهامها المتمثلة في: إعادة هيكلة وتوحيد الجيش والأمن، وإصدار الإجراءات والتعليمات اللازمة بكفالة الحقوق والحريات في جميع مؤسسات الدولة، وكذلك تفعيل إجراءات الحكم الرشيد والمساءلة والشفافية، وإصدار قانون العدالة الانتقالية، والاستفتاء والانتخابات، فمعظم هذه المهام لم تنجز كما يجب.

ثانيًا: طرفا العملية السياسية وهما حزب المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه، واللقاء المشترك وحلفاؤه، وهما لم يؤديا دورهما في إدارة العملية الانتقالية، فقد سمح حزب المؤتمر العام أن يختطفه علي عبدالله صالح، وبالتالي تحول إلى مخرب ومقوض للعملية السياسية، وتفككت أحزاب اللقاء المشترك وانعكس ذلك أيضا على تقويض العملية الانتقالية بشكل أو آخر.

ثالثًا: المبادرة الخليجية تحدثت عن رعاية المجتمع الدولي للمرحلة الانتقالية سياسياً واقتصاديا، لكن هذا لم يحدث أبداً، بل إن المجتمع الدولي تابع وراقب كيف دمر علي عبدالله صالح كل مراحل العملية الانتقالية، وسكت على ممارات مليشيات الحوثي التي تقضم الأرض اليمنية قطعة قطعة، وصولا إلى صنعاء، بل كاد أن يعطيهم الشرعية في فترة من الفترات.

كل هذا الأسباب ساهمت، في مرحلة ما، في أن تنتعش الثورة المضادة، لكنها الآن تحتضر، فقوى الثورة بدأت تعي مسؤولياتها وتعود لرشدها، وأنا أؤكد هنا أننا ندعم شرعية الرئيس هادي، على الرغم من مآخذنا على أداء حكومته في المرحلة الانتقالية، وعليه أن يكمل مشواره وأن يصل إلى اليمن الاتحادي، يمن الحرية والعدالة والديمقراطية.

 

المجتمع الدولي قصّر

بالحديث عن المجتمع الدولي، من المعروف أن في مرحلة ما، كانت هناك مفاوضات في مسقط بين الولايات المتحدة الأمريكية والحوثيين، على خلفية ذلك، هل تعتقدين أن المجتمع الدولي خالص النية تجاه الثورة اليمنية؟

- لا أريد أن أهاجم المجتمع الدولي، لأننا شركاء مع الجميع، لكنه في رأيي قصّر في دوره تجاه اليمن، وأؤكد مرة أخرى أن أي حوار سيفضي إلى نزع سلاح مليشيات الحوثي وانسحابها من المدن، وتحولها إلى جماعة سياسية، والبدء في إجراءات للاستفتاء على الدستور وإجراء انتخابات، فإننا سندعم هذا الحوار، لكن أي حوار لن يحقق ما ذكرت، فإن الشعب اليمني سيرفضه، لأنه سيقوض اليمن والمنطقة بأكملها.

وحقيقة، نحن نؤمن بأن الحوثيين جزء من اليمن، ودعوناهم مراراً لترك السلاح والانخراط معنا في بناء يمن جديد، لكن للأسف هم خانوا الثورة السلمية وتحالفوا مع علي عبدالله صالح، ثم خانوا الحوار والدستور الذي وقعوا عليه.

ونحن نوجه لهم دعوة صادقة من منبركم وهي "كونوا مع اليمنيين، ولا تكونوا مجرد تابعين لمشروع إقليمي يغزو ويقوض المنطقة بأكملها، فنحن لن نسمح بحزب الله آخر في اليمن"، فالشعب اليمني قدم آلاف الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى، وهو يدافع الآن عن الأمة العربية وهويتها، ونحن في صراع وجود حقيقي.

 

الشباب هم القوة

في رأيك، ما هي القوى الرئيسية الفاعلة الآن على الساحة اليمنية، والتي من الممكن أن تقود العملية السياسية وتحقق آمال وطموحات الشعب اليمني؟

- يجب على الشباب أن يكونوا هم القوى السياسية الفاعلة، فالشباب هم القوة الحالية والقادمة التي تحمي اليمن والأمة العربية، ويجب علينا أن نعمل من أجل أن يصنع الشباب مكونهم السياسي الذي يحمل راية الجمهورية فيما بعد ويكون جزءا من مشروع عربي متكامل يحفظ للأمة العربية وجودها وقيمتها أما الأمم.

 

هناك أنباء عن مفاوضات بين المملكة العربية السعودية والحوثيين، كيف ترين مآلات هذه المفاوضات، وهل سيقبل نتائجها الشعب اليمني؟

- وزير الخارجية اليمني قال في تصريحات "إن الأشقاء في السعودية نفوا وجود أي مفاوضات مع مليشيات الحوثي، وإن الأمر فقط يتعلق بتبادل بعض الأسرى"، ونحن نؤكد هنا ـ كشباب الثورة ـ دعمنا لأي حوار سيفضي إلى انسحاب المليشيات من المدن ونزع سلاحها، وتحولها إلى جماعة سياسية، تأسيس عدالة انتقالية تكفل عدم الانتقام وعدم التكرار، والبدء بوضع الدستور والتأسيس للانتخابات، لذا يجب أن ترتكز أي مفاوضات على حل سياسي كامل.

 

جهود الإغاثة

استضافت الدوحة مؤخراً مؤتمر الأزمة اليمنية، حينها دعا السيد عبد الرقيب سيف فتح، وزير الإدارة المحلية ورئيس اللجنة العليا للإغاثة في اليمن، إلى تعاون جميع الأطراف لضمان عدم تكرار الفشل في سوريا في اليمن، كيف تقيمين الجهود العربية والدولية بشكل عام والجهود القطرية بشكل خاص في عملية إغاثة الأشقاء في اليمن؟

- حقيقة، دولة قطر لا تألو جهداً في سبيل مساعدة وإغاثة الشعب اليمني، وأنا مؤمنة بكل مساعي قطر "قيادة وشعبا" سواء على المستوى السياسي أو الإغاثي، فقطر كانت ومازالت داعمة الشعب اليمني في مأساته الإنسانية، ولكنني سأتحدث هنا على الجهود الإغاثية بشكل عام، وأنا أعتبر كل جهود الإغاثة "فاشلة"، وإن كان هناك إغاثة تقدم من جانب المجتمع الدولي أو الأمم المتحدة، فإن معظمها يذهب للحوثيين، ولا تستفيد منها المدن المحاصرة وخاصة مدينة "تعز"، فهذه المدينة الآن وعلى مدى 9 أشهر من الحصار، يعاني أهلها التجويع والحصار، وكل ما يعلن عنه من عمليات إغاثية لم تؤت أكلها، لذلك يجب على المجتمع الإقليمي والدولي، والتحالف العربي، والرئيس هادي، أن يقوموا بدورهم حقيقة في إغاثة الشعب اليمني وعلاج الجرحى، وتحمل مسؤولياتهم تجاه أسر الشهداء، ورواتب الموظفين والجيش والأمن، ونحن نرى تقصيرا كبيرا حتى الآن في هذا الشأن.

 

ضمانات

بالحديث عما سوف يترتب على هذه الحرب، ونحن نؤمن بأن الشعب اليمني سينتصر بإذن الله تعالى، لكن ما هي الضمانات لعدم عودة الحوثيين للانقلاب على الشرعية مرة أخرى والزحف على مؤسسات الدولة وعسكرة جانب من المجتمع، وبالتالي تكرار نفس السيناريو مستقبلاً؟

- هذا السؤال مهم جداً، فنحن نريد ضمانات من الحوثيين بأنهم لن يكرروا الانقلاب على الشرعية، وأهم ضمانة هي أن يسلموا السلاح وأن يتحولوا إلى حزب سياسي، غير ذلك لا ضمانة لعدم تكرار الأمر.

 

كيف ذلك، ومن المعروف أن قضية تسليم السلاح في اليمن، هي من الأمور الصعبة جداً أو شبه المستحيلة نوعا ما؟ فهناك أكثر من 70 مليون قطعة سلاح في الشارع اليمني؟

- الشعب اليمني مظلوم في هذا الشأن، فالشعب المسلح هو ذاته الذي خرج في ثورته حاملا الورود فقط، وحينما بدأت تتشكل ملامح الدولة، أطلقت القبائل مبادرات لتسليم السلاح، فالشعب اليمني يريد السلام، وأنا أراهن على أن كل أفراد الشعب اليمني سيسلمون سلاحهم الثقيل والمتوسط إذا ما عادت الدولة لقوتها وبسطت نفوذها على التراب الوطني كاملا، أما فيما يخص السلاح الخفيف، فلا بد من وجود تنظيم أو تشريع يقنن حيازته، وهذا الشعب مستعد للتضحية من أجل قيام الجمهورية الثانية.

 

الخليج يستعيد دوره

في رأيك، كيف سينتقل اليمن إلى الجمهورية الثانية، وما الواجب على دول الخليج والدول العربية والإسلامية، والشعب اليمني نفسه تجاه تحقيق هذا الحلم؟

- دعني أقول لكم أن "اليمن اختطفت حين قصرت دول الخليج في واجباتها نحو اليمن"، لكن الآن ولله الحمد استعادت دول الخليج زمام الأمور وتقوم بدورها، وأنا أحيي وقوفهم مع الشعب اليمني، وأذكرهم بأن اليمن تمثل الأمن القومي والعمق الاستراتيجي لدول المنطقة، وبوابتها للعالم، وبدون يمن اتحادي قوي فإن المنطقة كلها في خطر.

 

بماذا تنصحين الشعوب العربية التي ثارت ضد الظلم، وما هي رؤيتك لمستقبل ثورات الربيع العربي؟

- الثورات العربية وجدت لتنتصر، وقد انتصرت في مرحلتها الأولى، وهي إسقاط رأس الفساد والاستبداد، والآن هي في مرحلتها الثانية التي تعاني منها كل الثورات على مر العصور في مواجهة الثورات المضادة، ولدي يقين بأن الأمة العربية حتما ستنتصر، لأننا حاليا نتشكل من جديد كأمة عربية صاحبة قراراها تعمل في محيط عالمي يحرمها ويسمع لها ويعمل لها ألف حساب.

 

نريد حلاً سياسياً

ماذا عن مستجدات التواصل مع المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ خلال الفترة الماضية؟

- كلامنا واضح للمبعوث الأممي، وهو أننا نريد حلا سياسيا يوقف الحرب في اليمن، ونؤكد في تواصلنا معه على مطالبنا التي ذكرتها لأي حل سياسي ترعاه القوى الإقليمية والدولية، أما بخصوص ما يدور في الغرف المغلقة بين ولد الشيخ أحمد وجماعة الحوثي فلا نعلم عنه شيئاً، ونحن نعتقد أن المبعوث الأممي سيلعب دورا هاماً في المرحلة المقبلة، فالمجتمع الدولي الذي قصر سابقاً هو الذي أقر قرار 2216، لذلك علينا أن نتعاون وندعم الجهود الدولية للوصول إلى حل سياسي عادل ينهي مأساة الشعب اليمني.

 

لقراءة الحوار في صحيفة الشرق القطرية اضغط (هنــــــــــــا)

Subscribe now to get my updates regularly in your inbox.

Copyright © Tawakkol Karman Office

Search